reconnaissanceresearch.com

خلال جلسة حوار نظّمها مركز «ريكونسنس» للبحوث والدراسات..( اقتصاديون): الكويت مقبلة على أزمة حادة.. والإصلاح بات مطلوباً أكثر من أي وقت مضى



نظم مركز ريكونسنس للبحوث والدراسات جلسة نقاش بعنوان «كيف تختلف الأزمة الاقتصادية الحالية في الكويت عن سابقاتها»، والتي شارك فيها كل من عدنان البحر ود ..طارق الدويسان وقيس الشطي.

في بداية الجلسة، قال د.طارق الدويسان ان الكويت قبل عشر سنوات باتت تختلف عن كويت اليوم، فعند مقارنتها بدول الخليج العربي نجدها في المركز الخامس أو السادس، حتى ان ترتيبها في مؤشر التنافسية كان في المرتبة 35 عام 2010 واليوم هدفها أن ترجع إلى الترتيب نفسه بحلول العام 2035.

وأكد ان الكويت مقبلة على أزمة حادة ومداها طويل جدا وقد تكون وجودية، خاصة ان حولها الكثير من المغريات التي من بينها النموذج السعودي والنموذج الإماراتي اللذان يجب الانتباه لهما بشكل جيد.

وأضاف ان صندوق الاحتياطي العام قد نفذت سيولته بشكل كامل تقريبا خلال الفترة من 2015 حتى 2020 مع ارتفاع المصروفات بشكل غير طبيعي حتى بلغت الميزانية الحالية بحدود 23 مليار دينار، وفي مقابل ذلك كله فإن سعر تعادل برميل النفط في ارتفاع مستمر حتى وصل حاليا إلى 67 دولارا، ما يعني أننا سنصل إلى سعر صرف يفوق الـ 120 دولارا بحلول العام 2030 في حال استمررنا على نفس معدل الصرف الحالي.

وأشار الدويسان إلى أن النافذة بدأت تضيق، لكن يجب علينا التفريق بين مشكلة بنيوية يتطلب الخروج منها ومعالجتها تغيير سياسي بالدرجة الأولى واقتصادي بالدرجة الثانية، مضيفا ان ازدهار الكويت ليس ازدهارا طبيعيا وإنما مصطنعا.

وقال انه عندما نتعامل مع مشكلة معينة علينا ان نفرق بين ظاهر المشكلة وجذرها، فكل النماذج المعيارية لعملية الإصلاح تبدأ من عنصر أساسي ألا وهو القيادة، لذلك لابد أن نكون حذرين عند تشبيه وضعنا الحالي بوضع بريطانيا أو الإمارات أو غيرها، فالوضع في الكويت يختلف عن وضع الإمارات التي لديها أسلوب حكم مختلف عن الكويت ولا توجد لديها عناصر نفوذ تضغط أو مجموعات تتصارع أو سياسة «فرق تسد».

وأكد الدويسان ان التغيير المطلوب يتطلب تغيير النهج الحكومي الحالي الذي أصبح صعبا جدا بدون وجود أي إصلاحات سياسية.

وأشار إلى أنه حتى ينجح القطاع الخاص في خلق تنافسية وأن يكون عادلا مع الجميع، فإننا نحتاج إلى إدارة حكومية ناجحة، لأنه وفي نهاية الأمر حتى وإن كانت الحكومة صغيرة فإن دورها الأساسي يقتصر على الرقابة والإشراف.

وقال إن الحكومة في الوضع الحالي ليست لديها فعالية الإشراف وبالتالي فإننا نخشى أن يتعثر القطاع الخاص بسبب عدم وجود هذه الفعالية، لأن الحكومة ليست قادرة على التنظيم والإشراف، الأمر الذي قد يؤدي إلى مآس ما لم نصلح الإدارة الحكومية لتكون قادرة على القيام بهذا الدور.

وفي ختام حديثه عرج الدويسان إلى قضية التكويت، مؤكدا أن ما تشهده عملية التكويت حاليا هي عملية تدمير لا فائدة منها، مؤكدا أنه مع التكويت لكن «بعقل»، بحيث يجب علينا ان نكون متواضعين بإمكانياتنا، لأننا مازلنا بحاجة للوافدين الذين يقومون بدور مهم حاليا.

مأزق خطير
بدوره، أكد عدنان البحر ان الجميع يتفق على أن الكويت تسير في طريق خاطئ وأنها تعيش في مأزق، مضيفا: «لم أجد في تاريخ البشرية المعاصر دولة كانت برخاء وتسير بالطريق الخطأ استطاعت أن تصلح قبل ان تصل إلى حافة الهاوية».

وأضاف أن كل الإنذارات الداخلية والخارجية لم تصلح المراهنة على رؤية سياسية وقيادة تصلح، وعليه كلما ضاقت الأزمة كلما كانت هناك فرصة للإصلاح، بمعنى أن الضيق الخفيف ينتج عنه إصلاح خفيف، فالأمر يتطلب أكبر من قضية قيادة، حيث يتطلب تغيير بفكر المجتمع، فالمجتمع له أثر كبير فهو الذي ينتخب ممثليه.

وأكد البحر أن الإصلاح يتطلب أن يدرك المواطن أن استمرار النموذج الحالي مستحيل، وعليه أن يختار النائب الذي يملك خطة للخروج من الأزمة، فالإصلاح طريق صعب، مشيرا إلى أن التغيير المنشود لن يتم قبل وجود الضغط اللازم لذلك، وأن القرارات السياسية الحكيمة الأنسب تأتي تحت الضغط المستمر للمالية العامة.

وتابع يقول ان الحديث عن بديل للنفط لن يكون موجودا لدينا قبل 20 سنة على الأقل، لكن وتحت الضغط والألم سنعمل على تحسين كفاءة استخدامنا للإيرادات النفطية، لكن لا يجب علينا أن نضيع الوقت في البحث عن البدائل لذلك علينا العمل على تحسين كفاءتنا، وبعدها عندما نصل إلى المتوسط العالمي نبدأ بالتفكير في تصدير خدمات أو منتجات بخلاف النفط.

وأوضح أن المنافسة تعتبر عاملا أساسيا في تقدم الاقتصادات، فالمنافسة هي التي رفعت القطاع المصرفي الإماراتي من أصغر قطاع مصرفي إلى المرتبة الثانية، مضيفا ان مصر التي كانت تشكل أكبر اقتصاد للناتج القومي العربي بمعدل 70% هبطت اليوم إلى نحو 5%، وهذا يدل على أن الحل لا يكون إلا بالمنافسة وان نرفع مستوى المنافسة إلى أكبر حد ممكن.

ولفت البحر إلى أن الكويت وباقي دول مجلس التعاون الخليجي تمر ببداية مرحلة مهمة وهي مرحلة الانتقال من مجتمعات واقتصاديات تعتمد على النفط كمصدر رئيسي كامل لإيراداتها إلى مجتمعات تتطور كي تصبح الإيرادات النفطية جزءا أقل بكثير من إيراداتها الكلية، وإن هذا التغير يمر عادة بمراحل الإنكار ثم الغضب، ثم تخرج المجتمعات بعد ذلك كله بعقد اجتماعي سياسي اقتصادي جديد يسمح بأن تنتقل للمرحلة الجديدة وأن تسير في طريق مختلف.

وقال اننا حاليا في مرحلة انتقال رئيسية من نموذج اقتصادي إلى نموذج جديد، ولا شك أن الانتقال سيكون مؤلما، وكافة التجارب تقول انه يجب أن يتم هذا الانتقال تحت رقابة.

سوء إدارة
من ناحيته، قال قيس الشطي ان الوضع المالي للدولة يعاني من سوء إدارة وهدر مالي كبير وفساد مستشر في مختلف قطاعات الدولة، بينما نركز على الفساد الحكومي متجاهلين القطاع الخاص الذي يشارك الحكومة هذا الفساد، ناهيك عن السلوك الاجتماعي الذي لا يساعد على خلق بيئة إصلاح جيدة وهو ما نراه ينعكس من خلال نوعية النواب الذين يمثلون الأمة في البرلمان.

وأضاف ان الصراع الحالي ينحصر في أمرين الأول صراع على المال والثاني صراع النفوذ والسلطة، علما أن أيا من الحكومة أو المجلس لا يملكان مشروعا إصلاحيا، على الرغم من أن الجميع يتحدث عن السرقات وعن الهدر المالي الكبير، لذلك نجد أننا أمام أخطر من ذلك كله ألا وهو الفساد الأخلاقي الذي يعتبر المهدد الحقيقي لكيان الدولة.

وقال ان الدول التي تتقدم ويكون لديها نوع من النشاط الاقتصادي هي الدول التي تعتمد على البحث والتطوير وعلى تبني ثقافة التغيير.

وشدد الشطي على أهمية التنافس الذي يخلق بيئة اقتصادية نشطة فهو الذي يأتي بالأفكار التي تتبناها القيادة السياسية لتعكس بقرارها السياسي ما يخدم الاقتصاد، وبخلاف ذلك لا نتوقع من أي قيادة أن تأتي برؤية سياسية مختلفة، وحتى تنجح القيادة في تحقيق الأهداف المرجوة فإنه يجب عليها أن تجتمع ما كافة القطاعات المختلفة بالمجتمع بما فيها جمعيات النفع العام، ثم تضع برامج زمنية بمؤشرات قياس دقيقة.

وأكد أنه ما لم يخدم القرار السياسي المصالح الاقتصادية الإستراتيجية العليا فلا فائدة من ذلك كله.

وقال ان المشكلة الأساسية في الكويت - وإن طغى عليها الطابع السياسي - إلا انها تبقى مشكلة اقتصادية بحتة، وهي الأساس لكل الصراع السياسي الحالي، لذلك فإن هذا الأمر يتطلب إصلاحات اقتصادية هيكلية جذرية تسير جنبا إلى جانب مع الإصلاحات السياسية المطلوبة التي تخدم تلك الإصلاحات، حتى نستطيع خلق اقتصاد قابل للنمو ضمن بيئة تنافسية حاضنة للأفكار وتنعكس فيما بعد على التطور كعملية مستمرة لا تتوقف عند حد معين، ثم تأتي بكفاءات وأصحاب عقول قابلة على الإنجاز.

وأضاف ان علينا أن نخفض حجم الحكومة الحالي، إذ لا يمكن أن تستمر الحكومة بالتوظيف إلى الأبد بجهاز مترهل خلق بيروقراطية أكبر مما كانت عليه، وينبغي على هذا الجهاز الضخم أن يكون جهاز مخطط مشرف على التنفيذ ثم يتولى القطاع الخاص تدريجيا دوره التنموي المعهود بعد تأهيله لذلك.

Previous Post
Next Post
Menu