reconnaissanceresearch.com

المركز أصدر تقريراً مختصراً حول تأثير وباء «كورونا» على اقتصاديات الشرق الأوسط.. وخاصة الكويت



أصدر مركز ريكونسنس تقريرا مختصرا حول تأثير وباء كورونا على اقتصاديات منطقة الشرق الأوسط بشكل عام، والكويت بشكل خاص، حيث أعد هذه التقرير كل من الأستاذ في معهد جورجيا للتكنولوجيا «Georgia Tech» د.ماثيو اوليفر، والباحث في مركز ريكونسنس تيرنر ستيفنز.

وأشار المركز في تقريره، إلى أن جائحة «كورونا» كان لها تأثيرات اقتصادية كبيرة على منطقة الشرق الأوسط وأظهر الحاجة المتزايدة لتنويع الاقتصاديات القائمة على النفط بالمنطقة، وتوضح بيانات الناتج المحلي الإجمالي لصندوق النقد الدولي خطورة الوضع داخل المنطقة، حيث شهدت الدول الرئيسية المصدرة للنفط انخفاضا في الناتج المحلي الإجمالي.

فالآثار المتشابكة لانخفاض الطلب على النفط وهبوط الأسعار مع ارتفاع مخزون النفط قد تسبب في كارثة للدول التي تعتمد على بيع النفط لتمويل غالبية النفقات الحكومية، وأدت جائحة كورونا إلى خفض أسعار خام برنت بشكل كبير لتصل لأدنى مستوى وهو 23 دولارا في أبريل 2020، وذلك وفقا لنظام أسعار السلع الأولية التابع لصندوق النقد الدولي.

وبعد حرب أسعار قصيرة بين السعودية وروسيا وما تبعها من مفاوضات لاحقة في أبريل 2020، وافقت مجموعة «أوپيك +» على تخفيضات الإنتاج بحوالي 23%، وفي حين أن منظمة «أوپيك» نجحت نسبيا في التقليل من بعض الآثار المالية على المنطقة بتخفيض الإنتاج ضمن المفاوضات الأخيرة، إلا أنه كان على العديد من اقتصاديات الشرق الأوسط توسيع الإنفاق لسد العجز واستنفاد الاحتياطيات للحفاظ على الاستقرار.

تداعيات «كورونا» بالكويت

كانت التوقعات الاقتصادية للكويت سلبية حتى من قبل جائحة الكورونا، وكان أفق النمو باهتا جدا، خصوصا مع استمرار تراجع النمو الاقتصادي تدريجيا منذ عام 2014، حيث بلغ النمو الاقتصادي في الكويت 0.4% فقط في عام 2019، ودون معالجة للعجز المالي الحاد بالميزانية.
ومن المثير للاهتمام أن الأثر الاقتصادي السلبي للكويت كان مشابها جدا لدول أخرى (غير مصدرة للنفط)، والتي شهدت انخفاضا في الناتج المحلي الإجمالي، وبالمقارنة مع جيرانها في الخليج، فإن التوقعات الخاصة بنمو الناتج المحلي الإجمالي تضع الكويت في المرتبة الخامسة من حيث أسوأ انخفاض لعام 2020.

العجز المالي
خفضت وكالة موديز تصنيف السندات الكويتية، وتسببت التغييرات الأخيرة في خفض ستاندرد آند بورز التصنيف الائتماني للكويت أيضا، قائلة إن الحكومة الكويتية «لم تضع بعد إستراتيجية تمويل شاملة لهذا العجز»، واستمرت الأزمة حتى وصل العجز الحكومي الكويتي إلى ما يقارب ثلث الناتج المحلي الإجمالي في مارس 2021.

بالإضافة إلى ذلك، تتوقع ستاندرد آند بورز أن يبلغ متوسط عجز الكويت 17% من إجمالي الناتج المحلي خلال 2021، ولكي تفي الكويت بتوقعات الميزانية، يجب أن ترتفع أسعار خام برنت إلى ما لا يقل عن 90 دولارا للبرميل.

في حين أن مؤشرات أسعار النفط تتوقع أن يكون سعر البرميل بحدود 50 دولارا حتى عام 2022، وهو ما سيؤدي إلى استمرار مشاكل السيولة والضغط على الصناديق التي تعتمد عليها العديد من هذه البلدان للتخفيف من الصدمات المالية.

يقدر تقرير الشرق الأوسط الصادر عن أكسفورد إيكونوميكس أن نمو الناتج المحلي الإجمالي لعام 2021 في الكويت يبلغ 2.5%، مدفوعا بالتوسع في القطاع غير النفطي، إلا أن اعتماد الاقتصاد الكويتي بشكل كبير على القطاع النفطي، يعني أن التعافي الاقتصادي سيتعثر حتى تنتهي تخفيضات إنتاج «أوپيك +» في وقت لاحق من 2022 وترتفع أسعار خام برنت إلى مستويات ما قبل الوباء.

وأدت صدمة هبوط أسعار النفط والإغلاق الذي طال مناشط عدة إلى إضعاف جهود التنويع التي تحاول الكويت والعديد من الاقتصاديات الأخرى القائمة على النفط تحقيقها، وبالإضافة إلى ذلك، فإن بطيء نشر اللقاحات في الكويت بالمقارنة مع جيرانها في النسبة الإجمالية للتطعيم، سيعيق إعادة فتح اقتصادها.

القطاع غير النفطي
تنبع العديد من مشاكل الكويت للتوسع في القطاع غير النفطي من مشكلة رئيسية وهي العائق الأكبر أمامها وهو اعتماد نشاطات القطاعين العام والخاص بشكل أساسي على العقود الحكومية التي يتم تلبية احتياجاتها من إيرادات النفط والغاز، فالقطاع الخاص لا يعتمد بتاتا على التصدير ولم تنجح الحكومة في جذب رؤوس أموال خارجية تحقق لها إيرادات مجزية.

ولكي تنجح برامج التنويع الاقتصادي، يجب على الدول المصدرة للنفط مثل الكويت التركيز على إنتاج السلع والخدمات التي لا تعتمد على بيع النفط والمشتقات البترولية، ولسوء حظ الكويت، كان هذا التحدي بمنزلة المهمة شبه المستحيلة حتى من قبل الوباء.

وأصبحت الآن أكثر صعوبة مما كانت عليه، حيث يمثل إنتاج الهيدروكربون 90% من إجمالي الصادرات في الكويت وقطر، وأكثر من 80% من إجمالي الصادرات في المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان، وأكثر من 50% من إجمالي الصادرات في الإمارات العربية المتحدة والبحرين، وذلك بحسب قاعدة بيانات الأمم المتحدة لإحصاءات تجارة البضائع.

مفاوضات "أوپيك +"
قبل الوباء، انخفض الطلب العالمي على النفط من 100 مليون برميل يوميا في الربع الرابع من 2019 إلى 83 مليون برميل يوميا في الربع الثاني من 2020، وإلى جانب مفاوضات «أوپيك+» التي فشلت في مارس 2020 بين روسيا والسعودية، أدى الانخفاض في السفر والتنقل بسبب الوباء إلى حدوث تخمة كبيرة في إمدادات النفط العالمية، مما جعل سعر خام برنت ينخفض إلى أقل من 30 دولارا للبرميل.

 

وبعد عمليات الإغلاق العالمية في مارس وأبريل 2020، أصبح ووست تكساس إنترميدييت (معيار النفط الخام الأميركي) سالبا لأول مرة في التاريخ، حيث وصل الموردون إلى أقصى سعة تخزين في غياب الطلب، وبعد الاتفاق على تخفيضات إنتاج أوپيك في وقت لاحق بنحو 10 ملايين برميل يوميا، ظلت أسعار النفط أقل بنسبة 30% تقريبا من مستويات ما قبل الوباء.

ومع إعادة فتح الاقتصاد العالمي تدريجيا، عادت أسعار النفط بشكل أسرع من المتوقع، حيث وصل سعر خام برنت إلى أكثر من 70 دولارا للبرميل اعتبارا من يونيو 2021، ومع انحسار الآثار الاقتصادية لوباء كورونا بمرور الوقت، ستظل دول الشرق الأوسط معرضة للخطر، ولن تزول المشكلات الاقتصادية لديها بسبب تعافي العالم من هذا الوباء. وستكون الطريقة التي يديرون بها سياستهم المالية والنقدية أمرا بالغ الأهمية خلال إعادة الانفتاح العالمي.

تغييرات كبيرة
خضعت دول الشرق الأوسط خلال الوباء لتغييرات كبيرة في السياسة المالية والنقدية للتكيف مع الانخفاض في الناتج الاقتصادي، وقدمت العديد من دول مجلس التعاون الخليجي دعم السيولة للحفاظ على التدفقات الائتمانية، وخفضت البنوك المركزية في هذه البلدان أسعار الفائدة بمتوسط يقارب 140 نقطة أساس.

وعلى الرغم من رد الفعل الإيجابي من الأسواق المالية العالمية على هذه السياسات التوسعية، فإن المخاطر المالية مثل أزمة الميزانية بالكويت تمثل تحديا حقيقيا، فسيؤدي ارتفاع الديون وانخفاض الاحتياطيات إلى تقييد خيارات السياسة المتاحة لهذه البلدان في حالة حدوث صدمات في المستقبل، وسيكون أحد المؤشرات الرئيسية للنجاح هو قدرتها على تنويع اقتصادياتها.

تجربة السعودية
إن الاستثمارات طويلة المدى مثل رؤية المملكة العربية السعودية لعام 2030 أسفرت عن خطط جريئة انتقلت من حبر على ورق إلى واقع ملموس لإنتاج الطاقة والاستثمارات في الصناعات التحويلية والتجارة والطاقة البديلة.

وأثبتت خطة المملكة العربية السعودية بالفعل فوائد واضحة لمواطنيها، بما في ذلك زيادة مشاركة المرأة في القوى العاملة، والإيرادات غير النفطية، ونمو الأعمال الصغيرة والمتوسطة.

إن خطة المملكة العربية السعودية لتصبح مدعومة بنسبة 50% من الطاقة المتجددة بحلول عام 2030 جديرة بالثناء، لكن جائحة فيروس كورونا أعاقتها قليلا، ومع ذلك نجد مؤشرات على رغبة جادة بتحقيق مزيد من النجاحات رغم المعوقات.

عبدالعزيز العنجري: عدم وضوح الرؤية الحكومية.. مصدر قلق كبير
قال المؤسس والرئيس التنفيذي لمركز ريكونسنس عبدالعزيز العنجري، إنه قد برزت على السطح خلال مناقشة محاور هذه الدراسة المختصرة مع الفريق البحثي المختص عدة تساؤلات حول مستقبل الكويت، وهي تساؤلات ارتأيت أن نطلع السادة القراء عليها، وهي:

1 -
- كيف سيتم ضمان الاستقرار الهيكلي والاقتصادي؟
2 -
- ما احتمالية خسارة الكويت لثروة الأجيال القادمة؟
3 -
- هل الكويت بمنأى عن احتمالية حدوث صراع سياسي كبير ناجم عن سوء الإدارة المالية؟
4 -
- كيف ستتصرف الكويت في حال استمرار انخفاض تصنيف السندات الكويتية، وما أثر ذلك على قدرتها في الاقتراض وتمويل ديونها؟
5 -
- إذا كانت الطاقة المتجددة هي المستقبل، فما هو الطريق إلى الأمام بالنسبة لدولة مثل الكويت؟

وأوضح العنجري، بالقول: "لا أظن بأن هناك من يختلف على أن التساؤلات أعلاه منطقية وتحتاج لإجابات واضحة وصادقة، لكن الفريق البحثي شعر بصدمة عندما عجز عن الحصول على مصادر رسمية حكومية كويتية تطرقت بحديث أو مقال أو لقاء لهذه التساؤلات المهمة!"

وأضاف: "في ظل المتاح من حقائق وأرقام ضمن تحليلات خاصة محلية ودولية عن واقع مستقبل الكويت الاقتصادي، فإنني لا أخفي شعوري بالقلق الشديد من استمرار غياب الشفافية لدى القياديين بالحكومة، وعدم وضوح الرؤية لديهم، وماهو ظاهر من ضعف التنسيق بينهم بسبب كثرة تضارب تصريحاتهم، وتوجهاتهم للجمهور يغلب عليها التطمين العاطفي وإعادة تدوير الخطط والوعود دون تطبيق ومتابعة. وكأنما الهدف هو فقط السعي لشراء مزيد من الوقت."

"جورجيا للتكنولوجيا".. مؤسسة بحثية عالمية

تأسس معهد «جورجيا للتكنولوجيا» عام 1885، ويعد من أفضل 10 جامعات بحثية عالميا، ويضم أكثر من 40 ألف طالب من 149 دولة، يدرسون شخصيا في الحرم الرئيسي في أتلانتا، وكذلك في أفرعهم الدولية في فرنسا، والصين.

ويكلف بند البحوث بالجامعة أكثر من مليار دولار سنويا تصرف من المنح النقدية المقدمة للمعهد على جميع الكليات الـ 6 بالمعهد، ويعد المعهد من أكبر المؤسسات البحثية التعليمية عالميا، وتشمل برامجه دورات تخصصية لتطوير القادة والمسؤولين الكبار في القطاع العام بطرق مبتكرة، وأيضا برامج مماثلة للأفراد والمؤسسات الخاصة، كما تقدم استشارات للدول الراغبة بإيجاد حلول لمستقبل أفضل من أجل تقدم مجتمعاتها.

د.ماثيو أوليفر.. في سطور

د.ماثيو أوليفر هو أستاذ بجامعة «Georgia Tech» ومدير برامج البكالوريوس، وحاصل على درجة البكالوريوس في الاقتصاد من جامعة ممفيس عام 2008 وحاصل على درجة الدكتوراه في الاقتصاد من جامعة وايومنغ عام 2013.

وانضم أوليفر إلى جامعة «Georgia Tech» في عام 2013، وتتمثل مجالات الاهتمام البحثي والتخصصي له في الاقتصاد القياسي التطبيقي، والاقتصاد الجزئي التطبيقي، بالإضافة الى الاستدامة الاقتصادية واقتصاديات الطاقة.

 

Previous Post
Next Post
??? ????? ????? - ????? ???????? ?? «????????»
Menu