reconnaissanceresearch.com

حوار خاص مع السفير التونسي لدى الكويت الهاشمي عجيلي



أكد السفير التونسي لدى البلاد الهاشمي عجيلي أن القرارات الأخيرة الذي اتخذها الرئيس التونسي قيس سعيّد تأتي في إطار تصحيح المسار الديموقراطي وتهدف إلى تجاوز حالة انسداد الأفق السياسي التي حالت دون السير الطبيعي للمؤسسات الدستورية وفي طليعتها البرلمان.

وقال في حوار أجراه معه مركز ريكونسنس للبحوث والدراسات، حول آخر تطورات الأوضاع في تونس، إن ما حدث، هي تدابير استثنائية ومؤقتة تندرج في إطار تنظيم مؤقت للسلطة وفقا للدستور إلى حين زوال الخطر الذي يداهم الدولة التونسية ومؤسساتها، وتهدف في الأساس إلى ضمان استقرار البلاد وحسن سير مؤسسات الدولة وحمايتها وضمان ديمومتها وحماية المسار الديموقراطي برمته، كما عدّد الأسباب التي دفعت لاتخاذ مثل هذه القرارات، مشيرا إلى أنها أوجدت حالة من الارتياح في صفوف غالبية الشعب التونسي وأعادت الأمل في تحسين الأوضاع السياسية والاقتصادية في البلاد، وفيما يلي تفاصيل الحوار:

هل بالإمكان إطلاعنا على خلفية الأحداث التي أدت إلى التدابير الاستثنائية في تونس؟
٭ الأسباب التي دفعت لاتخاذ القرارات الرئاسية هي تواصل حالة الانسداد السياسي والتجاذبات التي أثرت على أداء المؤسسة البرلمانية وسوء إدارة أزمة كوفيد-19 وما خلفته من إصابات بالآلاف يوميا ووفيات بالمئات ونقص حاد في التزود بالأوكسجين والمواد الطبية اللازمة، إضافة الى تدهور القدرة الشرائية للمواطن في ظل تصاعد عمليات الاحتكار والمضاربة في أسعار العديد من المواد الأساسية، وتواصل الأزمة الاقتصادية في كل القطاعات وتعمق الصعوبات الاجتماعية التي يعاني منها المواطن التونسي.

هل هناك صحة لما يشاع عن تدخل أطراف خارجية بالشأن السياسي المحلي التونسي سعيا للتخريب؟
٭ تونس دولة مستقلة ذات سيادة لا تتدخل في الشؤون الداخلية للدول ولا تقبل التدخل في شوؤنها، وقد برهنت التطورات الأخيرة أن لتونس أشقاء عربا يقفون الى جانبها ويساندونها وأصدقاء أوفياء من كل بقاع العالم يدعمونها ويتضامنون معها، ونحن في تونس فخورون بعلاقتنا الخارجية وسنسعى إلى دعمها على الصعيد الإقليمي أو الدولي.

...:: الأفق السياسي ::...

ما أسس القرارات التي اتخذها رئيس الجمهورية التونسية قيس سعيّد مؤخرا؟
٭ وجب التنويه في البداية أن رئيس الجمهورية هو رمز وحدة الدولة التونسية والضامن لاستقلالها واستمراريتها واحترام الدستور، وأن القرارات الأخيرة التي اتخذها، هي قرارات دستورية، تستند الى مقتضيات الفصل 80 من دستور الجمهورية التونسية لسنة 2014 والذي ينص على أنه «لرئيس الجمهورية في حالة خطر داهم مهدد لكيان الوطن وأمن البلاد واستقلالها، يتعذر معه السير العادي لدواليب الدولة، أن يتخذ التدابير التي تحتمها تلك الحالة الاستثنائية...».

وجاءت هذه القرارات في إطار تصحيح المسار الديموقراطي وتهدف إلى تجاوز حالة انسداد الأفق السياسي التي حالت دون السير الطبيعي للمؤسسات الدستورية وفي طليعتها البرلمان، الأمر الذي استدعى تجميد عمله وفقا لتدابير استثنائية لحماية هذه المؤسسة الدستورية.

وتهدف هذه القرارات إلى وضع حد لتفاقم الأزمة الاقتصادية والاجتماعية والصحية في البلاد، لاسيما بعد تفشي جائحة فيروس كوفيد-19 وما رافقها من سوء إدارة. وتأتي هذه القرارات في إطار استجابة رئيس الجمهورية لإرادة الشعب التونسي الذي طالب في العديد من المناسبات بحل البرلمان، وفي هذا الإطار يؤكد رئيس الجمهورية على ضرورة التمييز بين المؤسسة البرلمانية المنتخبة من قبل الشعب وبين إرادة الشعب الذي طالب في العديد من المناسبات بحل البرلمان.

...:: تدابير استثنائية ::...

ماذا عن تواصل هذه التدابير المؤقتة، وما مدى الالتزام بالفترة المقررة لها؟
٭ لابد من التوضيح أن القرارات التي اتخذها رئيس الجمهورية قيس سعيد، هي تدابير استثنائية ومؤقتة تندرج في إطار تنظيم مؤقت للسلطة وفقا للدستور، إلى حين زوال الخطر الذي يداهم الدولة التونسية ومؤسساتها، وتهدف في الأساس إلى ضمان استقرار البلاد وحسن سير مؤسسات الدولة وحمايتها وضمان ديمومتها وحماية المسار الديموقراطي برمته.
كما أنها جاءت لفرض القانون على الجميع، وضمانا لاستقلال القضاء في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ تونس.

ما مدى الالتزام باحترام الحقوق والحريات والمسار الديموقراطي في البلاد خلال الفترة الانتقالية، في ظل ما يروج من أخبار عن إمكانية تمديد الفترة المؤقتة؟
٭ أكد رئيس الجمهورية في جميع تدخلاته حرصه على الالتزام بالدستور وضمان الحقوق والحريات واحترام دولة القانون والمسار الديموقراطي ببلادنا.

ومثلما تعلمون، فإن الرئيس قيس سعيد هو رجل قانون دستوري ويحتكم في جميع قراراته الى الدستور، كما أنه حريص على احترام حرية الإعلام والتعبير وحقوق الإنسان ولا نية لديه للارتداد عن هذه المكتسبات. ونود التنبيه إلى ضرورة عدم الانخراط وراء الادعاءات والأكاذيب التي تروج لصورة غير حقيقية للوضع في تونس، لأن ما حصل مؤخرا هو مسار تصحيحي داعم للتوجهات الديموقراطية وحماية المؤسسات الدستورية في البلاد وليس انقلابا كما يروق للبعض إشاعته.

...:: المسار الديموقراطي ::...

ماذا تنتظر تونس خلال الفترة المقبلة من المنظمات الدولية وشركائها على المستويين الإقليمي والدولي؟
٭ تؤكد تونس تمسكها الثابت بضمان الحقوق والحريات والمضي في ترسيخ المسار الديموقراطي، وتعول على دعم شركائها من دول شقيقة وفي طليعتها الكويت وبلدان صديقة ومنظمات دولية من أجل الوقوف معها في هذه المرحلة الدقيقة من تصحيح المسار السياسي، حتى تظل التجربة التونسية الديموقراطية عنوان نجاح حقيقي في إرساء دولة القانون والمؤسسات وحقوق الإنسان والحريات.

ما آفاق الوضع الداخلي بتونس؟
٭ لقد خلقت القرارات الرئاسية الأخيرة حالة من الارتياح في صفوف غالبية الشعب التونسي وأعادت الأمل في تحسين الأوضاع السياسية والاقتصادية في البلاد، لاسيما بعد اللقاءات العديدة التي أجراها رئيس الجمهورية مع العديد من الفعاليات والمنابر السياسية والقضائية والإعلامية والاتحادات الوطنية وفي طليعتها منظمتا الاتحاد العام التونسي للشغل والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية والتي شدد فيها على ضرورة التفاف جميع التونسيين من أجل خدمة بلدهم وتحفيز الجميع على المساهمة في دفع عجلة الاقتصاد الوطني وتحقيق مطامح الشعب في تنمية مستدامة ومسار ديموقراطي مبني على الشفافية ودولة القانون والحريات.

...:: العلاقات التونسية – الكويتية ::...

ماذا عن آفاق العلاقات التونسية- الكويتية؟
٭ تجمع تونس بالكويت، علاقات تاريخية وأخوية متميزة، ونحن في تونس نكن كل التقدير والمحبة والاحترام للشعب الكويتي الأبي، وتحرص قيادتا البلدين على مزيد من الدفع بمسارات التعاون في كافة القطاعات والميادين.

وسجلنا في الفترة الأخيرة تطورا ملحوظا في نسق التشاور والتنسيق بين الرئيس قيس سعيد رئيس الجمهورية وأخيه صاحب السمو الأمير الشيخ نواف الأحمد وكذلك بين وزيري خارجية البلدين، حيث يجري الإعداد لعدد من الاستحقاقات الثنائية المهمة على غرار زيارة رئيس الجمهورية إلى الكويت وتنظيم الدورة الرابعة للجنة المشتركة التونسية- الكويتية.

ولا يفوتني في الإطار ذاته أن أجدد اعتزاز تونس بالوقفة الكويتية الصادقة مع الشعب التونسي فيما يتعلق بمعاضدة الجهود الوطنية لمكافحة فيروس كوفيد-19، وهي بادرة تعكس بوضوح قيم التضامن والتآزر التي تربط البلدين الشقيقين.

Previous Post
Next Post
Menu