يرى مركز ريكونسنس للبحوث والدراسات، ومن خلال تواصله المستمر مع خبراء ومعنيين بالشأن السوري في الداخل والخارج، أن ظهور رجل الأعمال السوري محمد جابر من العاصمة الروسية عبر قناة “المشهد”، لم يكن حدثاً إعلامياً عابراً، بل يحمل في طياته إشارات سياسية مركّبة تعكس تحوّلاً في طريقة موسكو إدارة أوراقها في الملف السوري، لا سيما في ما يتعلق بالبنية العلوية والنظام الجديد في دمشق.

تحليل المركز يشير إلى ثلاث رسائل رئيسية غير مباشرة بعثتها موسكو عبر هذا الظهور:

1. تحذير ضمني للنظام السوري الجديد:

إطلالة محمد جابر، وهو شخصية سورية تحمل الجنسية الروسية ويُقيم في موسكو، جاءت لتُظهِر أن روسيا لا تزال تمتلك أدوات تأثير داخل النسيج الطائفي للنظام، وتحديداً في الطائفة العلوية. الرسالة إلى دمشق واضحة: موسكو قادرة على قلب الطاولة إذا لم تُراعَ مصالحها، وقد تستخدم نفوذها ضمن هذه البيئة لإرباك المشهد أو فرض شروطها على السلطة الجديدة.

2. تلويح بخيار “البديل العلوي”:

محمد جابر وشقيقه يمتلكان تاريخاً من التنافس مع بشار الأسد، ويُنظر إليهما كأقطاب محتملة داخل الطائفة. السماح له بالظهور من موسكو، مع تصريح لافت بأنه “لم يُظهر قوته الحقيقية بعد”، يوحي بأن موسكو تستعرض قدرتها على الدفع بشخصيات علوية معارضة كأداة ضغط سياسية وربما أمنية في مرحلة لاحقة.

3. تزامن مدروس مع تحركات داخلية للطائفة العلوية:

لافت أن ظهور جابر سبق بيومٍ واحدٍ فقط تصريح الشيخ غزال غزال، أبرز مرجع ديني علوي، الذي دعا إلى “حماية دولية” للطائفة من ما وصفه بـ”إبادة جماعية” على يد النظام الجديد. هذا التزامن يوحي بتنسيق محتمل بين شبكات علوية في الداخل والخارج، سواء بدعم روسي مباشر أو بإشارات ضمنية، ما يعكس تصعيداً محسوباً في المشهد الطائفي والسياسي معاً.

• 
  
• السياق الجيوسياسي:

موسكو تتحرّك لإعادة ترسيخ نفوذها في سوريا بعد بروز أدوار إيرانية وخليجية متضاربة، وتسعى لضمان موطئ قدم مستدام في المعادلة الجديدة، حتى لو تطلّب الأمر إعادة تفعيل أدوات الفوضى.

• 
  
• الهدف المزدوج:

ممارسة ضغط مباشر على النظام الجديد في دمشق لقبول الشروط الروسية، بالتوازي مع توجيه رسالة للغرب بأن أي عملية انتقال سياسي أو تفاهم إقليمي بشأن سوريا يجب أن تمر عبر موسكو، لا من دونها.