reconnaissanceresearch.com

تأثير انتشار فيروس كورونا على الصراع بين الولايات المتحدة وإيران. بقلم: كيرستن فونتنروز مديرة شؤون الخليج في مجلس الأمن القومي سابقا بالبيت الأبيض



في الوقت الذي تركز فيه أنظار العالم كافة على انتشار فيروس كورونا، الذي صنفته منظمة الصحة العالمية بوباء عالمي، فإن النزاع بين إيران والولايات المتحدة مازال قائما بل ويزداد سخونة.

ففي الوقت الذي تغيب فيه تطورات هذا الصراع عن العناوين الرئيسية للصحف الكبرى ونشرات الأخبار العالمية بالمقارنة بالاهتمام الكبير الذي كان يحظى به أوائل شهر يناير الماضي والذي كان يلعب إلى حد ما دورا في تخفيف حدة تصرفات الجانبين، فإننا نتوقع رؤية سلوك إيراني أكثر خطورة وعنفا في المستقبل، تصاحبه رعونة لا تلتفت للأضرار الجانبية.

أما على صعيد الولايات المتحدة، فسيتراجع مستوى التصعيد ضد إيران على خلفية قرب الانتخابات الرئاسية وحاجة الرئيس الأميركي لتحليل ودراسة عواقب أي قرار بدقة وعناية شديدة لتقييم تأثيرات أي ضربة يقرر الرئيس القيام بها على فرصه بالفوز بولاية رئاسية ثانية، خصوصا ان مستشاري الرئيس الحالي يدركون بأن المواطن الأميركي حاليا لا يدعم اندلاع حرب شاملة مع إيران. لكن ذلك لن يؤدي الى تحول في سياسة الولايات المتحدة تجاه إيران.

فالعقوبات الاقتصادية استبعدت - منذ البداية - المعدات الطبية والأدوية، ويجادل الطرف المؤيد للعقوبات بأن تأثير الفيروس في إيران يتفاقم بسبب فشل النظام الحاكم نفسه.

أما من جهة إيران، فإن حجم الخطر أكبر استنادا إلى أن النظام الذي يواجه ما يعتبر تهديدا وجوديا على شكل فيروس سيكون أكثر مغامرة.

في الواقع، قد تكون الضربات التي تعرض لها معسكر التاجي يومي 11 و14 الجاري عمليات تكتيكية هدفها إظهار القوة في وقت تعاني فيه الدوائر الداخلية للنخب السياسية الإيرانية من فيروس كورونا والمرشد الأعلى في حالة عزل كما يقال بهدف حمايته من الفيروس.

تقدم وزارة الصحة الإيرانية تفسيرات متضاربة للفيروس الذي يغزو البلاد، حيث أفاد أحد المسؤولين بأن الفيروس وصل عن طريق عمال صينيين يبنون محطة للطاقة الشمسية، بينما يلقي مسؤول آخر اللوم على المهاجرين غير الشرعيين من الدول المجاورة.

على الرغم من الشكوك التي تثيرها هذه التصريحات المتضاربة، فإن ذلك لن يجعل طهران أول حكومة تصدر بيانات متناقضة حول هذه الأزمة سريعة الحركة. وهناك الكثير من الشائعات التي تنتشر بشكل كبير بين الإيرانيين، ولكن لم تتم الإشارة إليها في أي من وكالات الأنباء الحكومية الرسمية.

يعتقد متابعو الشؤون الإيرانية داخل الإدارة الأميركية، دون التصريح عن مدى تأثير انتشار هذا الفيروس على الصحة العامة في إيران، بأن سوء إدارة هذه الأزمة الصحية سوف يؤدي إلى تفاقم السخط العام تجاه غياب الحكم الرشيد داخل النظام السياسي الإيراني، والإنفاق على القضايا التي لا يراها الشعب ذات أولوية إلى جانب عدم وجود رؤية للنمو.

في حين أن هذا المستوى من الاستياء المتزايد للشعب وتدني التأييد للنظام، بعد إسقاط الطائرة الأوكرانية وفي أعقاب سنوات من الفساد وارتفاع معدلات البطالة، إلا أن ذلك لن يؤدي إلى سقوط النظام.

ووفقا لمكتب في الحكومة الأميركية يراقب إيران عن كثب، فإن نجل المرشد الأعلى، مجتبى خامنئي، يتمتع بسلطات كبيرة وذلك بدعم من رئيس المخابرات في الحرس الثوري الإسلامي.

ووفقا للمكتب فإنه من المرجح أن يقوم مجتبى في حالة وفاة والده، بنشر وحدات الحرس الثوري الإيراني في جميع أنحاء البلاد قبل السماح بالإعلان عن نبأ الوفاة.

في حال حافظ مجتبى، عديم الخبرة والذي لا يخضع لأي مساءلة في الوقت الراهن، على هذه القيادة والسيطرة، يمكننا أن نتوقع ارتفاع مستوى المغامرة من إيران على حساب العراقيين والسوريين واليمنيين، إلى جانب قوات التحالف المناهضة لتنظيم داعش.

يفترض الخبراء الذين لهم اتصالات مع النخبة الإيرانية، أن يكون إبراهيم رئيسي هو الشخصية الأكثر ترجيحا لتولي منصب المرشد الأعلى للجمهورية. في حال حصول هذا السيناريو، فإن مجتبى خامنئي لن يكون غائبا، حيث سيكون نافذا من وراء الستار.

إن محاولة النظام الإيراني «وشركائهم الصينيين» اتهام الولايات المتحدة بنشر الفيروس والادعاء بأنه هجوم بيولوجي إرهابي هو دليل على مدى يأس النظام الإيراني في محاولة لاستمرار ضمان الدعم المحلي، الأمر الذي قد يؤدي إلى سلوك أكثر خطورة من قبل النظام، وعدم إيلاء أي اعتبار للخسائر البشرية من الفيروس، حيث يعمل وكلاؤهم، كما هو واضح في هجوم 11 مارس.

ومع ذلك، يجب على صناع السياسة الأميركيين الانتباه. تبدو نظرية المؤامرة مضحكة في واشنطن، لكنها تتمتع ببعض الزخم في الشرق الأوسط، حيث يكررها المسؤولون الحكوميون الصينيون إلى نظرائهم في الخليج.

يوجد عاملان مهمان مرتبطان بهذا التهديد الوجودي للنظام في طهران قد يشكلان هدية غير متوقعة لمتابعي الشؤون الإيرانية في الإدارة الأميركية. يتمثل العامل الأول في إمكانية قيام علماء إسرائيليين بتطوير لقاح لفيروس كورونا.

تم نصح إيران من العديد من الجهات بقبول المساعدة من إسرائيل إذا عرضت عليها. حتى الآن، ووفقا لما نشرته صحيفة الحمدلي الإيرانية والذي أعادت نشره الصحافة الإسرائيلية، فقد دعا رجل دين واحد على الأقل في إيران إلى عدم التضحية بحياة المواطنين الإيرانيين لمجرد أن مصدر الحل هو إسرائيل، وهو الكلام الذي لم يتعرض لأي هجوم أو استهزاء على غرار كلام أحد رجال الدين الذي اقترح العلاج بالطب الشعبي للشخص المريض.

إن احتمال وجود تعاون إسرائيلي إيراني على المستوى الوطني كان يبدو كالحلم قبل عام.

أما العامل الثاني فهو احتمال أن يكون الباب قد أغلق الآن أمام خيارات النظام لجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة.

المواطنون الصينيون الذين يعيشون في إيران معزولون بالفعل ثقافيا عن جيرانهم المحليين. إن ظهور فيروس كورونا انطلاقا من مدينة ووهان الصينية يعني أن طهران ستخاطر بالغضب الشعبي إذا وقعت عقودا جديدة تنطوي على وصول العمال الصينيين إلى إيران.

في ظل خضوع طهران للعقوبات، فإن الصين هي الجهة الاقتصادية الوحيدة الراغبة بعقد صفقات مع إيران، وبناء عليه فإن العثور على مصادر بديلة للاستثمار في مشاريع البنية التحتية الإيرانية سيكون تقريبا شبه مستحيل.

هذه الكارثة الاقتصادية الإضافية، التي هي من صنع إيراني - صيني بشكل كامل، ستكون بمنزلة مهمة بالنسبة للاستراتيجية الأميركية تجاه إيران.

والأهم من كل ذلك الآن هو صياغة استراتيجية جديدة تماما داخل أروقة الإدارة الأميركية، تمكنها من التعامل مع الوقائع التي فرضها ظهور الفيروس، وهو احتمالية فتك الفيروس بكبار المسؤولين في النظام الإيراني وخلق أزمة حكم شرعية هناك؟ ما تكلفة ذلك؟ كيف ستكون ردة فعل المجتمع الدولي اذا حصلت؟

Previous Post
Intellectual Property Rights for Kuwaiti Artists
Next Post
Coronavirus and the Gulf Economies
Menu